الإسبال في الإسلام

 


الإسبال في الإسلام: المفهوم، الحكم، والدلائل الشرعية

مقدمة

يُعدّ موضوع الإسبال من القضايا الفقهية التي كثر فيها النقاش بين العلماء قديماً وحديثاً، لاختلاف فهم النصوص الشرعية الواردة فيه، وتنوع السياقات التي قيلت فيها الأحاديث. ويهدف هذا المقال إلى توضيح معنى الإسبال، وبيان حكمه الشرعي، مع عرض الأدلة من القرآن والسنة، وذكر أقوال العلماء دون تعصب أو تشدد.


أولاً: معنى الإسبال

الإسبال لغةً: الإرخاء والإطالة.
وشرعاً: إطالة الثوب أو السروال أو الإزار حتى ينزل أسفل الكعبين للرجل.

⚠️ التنبيه: الكلام هنا خاص بالرجال، لأن لباس المرأة له أحكام مختلفة.


ثانياً: الأدلة الشرعية على تحريم الإسبال

1️⃣ من السنة النبوية

وردت أحاديث صحيحة كثيرة في النهي عن الإسبال، منها:

قال رسول الله ﷺ:

«ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»
— رواه البخاري

وقال ﷺ:

«ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم… المسبل إزاره»
— رواه مسلم

وهذه الأحاديث جاءت بصيغة عامة في ذم الإسبال.


2️⃣ الإسبال مع الكِبر

وردت نصوص أخرى تربط الإسبال بالخيلاء (الكبر):

قال النبي ﷺ:

«من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة»
— متفق عليه

وهذا الحديث يوضح أن الإسبال إذا كان بدافع الكبر والتعالي فهو من الكبائر باتفاق العلماء.


ثالثاً: أقوال العلماء في حكم الإسبال

الرأي الأول (وهو قول جمهور أهل الحديث):

🔹 تحريم الإسبال مطلقاً سواء كان مع كبر أو بدونه،
ويستدلون بحديث:

«ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»
ويرون أن النص عام لا يُقيَّد بالكبر.

الرأي الثاني (قول عدد من الفقهاء):

🔹 الإسبال محرم إذا كان خيلاء، ومكروه بدون خيلاء
ويستدلون بحديث أبي بكر رضي الله عنه لما قال للنبي ﷺ إن إزاره يسترخي أحياناً، فقال له:

«إنك لست ممن يصنعه خيلاء»
— رواه البخاري


رابعاً: الجمع بين الأحاديث

ذهب كثير من أهل العلم إلى أن:

  • الإسبال مع الكبر = حرام وكبيرة من الكبائر

  • الإسبال بدون كبر = محرم أو مكروه كراهة شديدة
    والاحتياط للمسلم أن يرفع ثوبه فوق الكعبين خروجاً من الخلاف وامتثالاً للسنة.


خامساً: الحكمة من النهي عن الإسبال

  • محاربة الكبر والتعالي في النفوس

  • التواضع في المظهر

  • التميز بسنة النبي ﷺ

  • حفظ النظافة والوقار



 

خاتمة

الإسبال مسألة فقهية لها أدلتها الواضحة من السنة النبوية، وقد اختلف العلماء في تفاصيل حكمها، لكن المتفق عليه أن رفع الثوب فوق الكعبين هو الأكمل والأفضل والأقرب للسنة، وأن الإسبال بدافع الكبر من الذنوب العظيمة.

فينبغي للمسلم أن يحرص على اتباع هدي النبي ﷺ في ظاهره وباطنه، وأن يجعل لباسه وسلوكه تعبيراً عن التواضع والطاعة لله. 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق